إيمان جمعة: “أنا ما معي سيارة . . بس وصّلت أولادي” !

 كتب: علي عطوي

تجربة بنكهة التحدي تخوضها الأستاذة إيمان جمعة السمرا من خلال إدارتها لمدرسة صور المتوسطة، فمنذ سنتين أصبحت مديرة لمدرسة عُرف عنها مستواها المتدنّي، لتحوّلها بعد ذلك إلى مدرسة نموذجية حديثة، سخّرت كل طاقاتها وخبراتها في سبيل رفعها إلى مصاف المدارس المرموقة على مستوى المنطقة، عبر خلق جو تعليمي عالي الجودة .

تعود الأستاذة إيمان بالذاكرة إلى الوراء وتقول في لقاء مع «نسوة كافيه»: “عندما طرح عليّ أن أكون مديرة لمدرسة صور الاولى، ترددت لأن المعروف عنها مدرسة كتير تعبانة وبدها جهد كبير لتصير، ولأنني أحب المغامرة، أردت أن أتحدّى هذا الواقع، رغم عدم تشجيع زوجي لي بسبب معرفته لظروف المدرسة وأوضاعها، لكن كنت واثقة من نفسي مستمدة ذلك من خبرة تعليمية راكمتها على مدى 30 عاماً، وكان رئيس المنطقة التربوية في الجنوب الأستاذ باسم عباس له الفضل الكبير بتشجيعي على استلام الإدارة، بعدما كان الأستاذ مصطفى الراعي أول الداعمين لهذا الإقتراح” .

الصدمة الأولى تلقتها المديرة الجديدة في أول يوم دخلت فيه المدرسة، ” الفوضى كانت في كل مكان، الطاولات والألواح والخزائن قديمة جداً، فكّرت حالي فايتة على depot ، حطيت ايدي ع راسي وقلت لحالي: من وين بدي بلّش؟ ” تقول، وهكذا بدأت أولى خطوات تحسين وتطوير وتجديد المدرسة، ولم يقتصر الأمر على التحديث الخارجي انما تعداه إلى إعادة تنظيم الكادر التعليمي .

المعلمة التي بدأت مسيرتها التعليمية في عمر 18 عاماً، تنقلت بين العديد من مدارس منطقة صور بدءاً بمدرسة عين بعال الرسمية، مروراً بتكميلية البنات في صور، إلى المدرسة الإنجيلية وثم الايليت، وقد حملها شغفها بعملها للانتقال من مرحلة إلى أخرى، فانتقلت بعد 10 سنوات من التعليم إلى أن تكون ناظرة في ثانوية صور المختلطة لمدة 11 عاماً، تشرح: “انطلاقاً من تجربتي في هذه المدارس، بعد استلامي الإدارة نظّمت العلاقة مع الأساتذة دون تمييز أو محسوبية ورسخت النظام بين الطلاب وتعاملت معهم كأم دون أي فوقية، فالتعليم رسالة انسانية قبل أن يكون رسالة تربوية ” .

لأم بشار أربعة أبناء متفوقين، لكنّ غربتهم عنها تدمي قلبها ولذكرهم تدمع عيونها، غير أنها فخورة بهم وبما حققته لهم من تعليم في أرقى الجامعات، وها هو بشار يستكمل سنواته الأخيرة في دراسة الطب في نيويورك، بينما تعمل لمى مدققة مالية في شركة عالمية في باريس، أما باسل يدرس الهندسة في فرنسا، و ما زال أمجد على مقاعد الدراسة الثانوية، تقول: ” أولادي ربيتهن تربية مثالية، تعاونت أنا وزوجي وعملنا من الضعف قوة لنوصّل ولادنا ونعلّمن” .

تنتقد السيدة إيمان أغلب نساء اليوم وتصفهن بالفارغات، فالأحاديث التي يتداولونها عادةً ما تصب في خانة المظاهر، بينما ترى أن المرأة يجب أن تتباهى بانجازاتها وأخلاقها بدلاً من مجوهراتها وملابسها، وتشدد على دور الأم في بناء العائلة، وتبدي انزعاجها من ظاهرة انتشار الخادمات، بحيث أصبح الطفل متعلقاً بالخادمة أكثر من أمه المنشغلة عنه بالصبحيات، وبرأيها المظاهر الفارغة دمرت البيوت، والمرأة اليوم باتت ترهقها المظاهر ولم تعد تلك القدوة التي يجب أن تضحّي من أجل أولادها، تختم قائلة: ” أنا ما معي سيارة، مش قادرة جيب سيارة، بروح بالبولمان ع بيروت، أنا موظفة اذا ما عملت هيك كيف بدّي وصّل ولادي؟!”  .

إن حقوق الملكية الفكرية محفوظة لمجلة (نسوة كافيه)، وخاضعة لقانون حماية الملكية الفكرية اللبناني رقم 75/99 تاريخ 03/04/1999، ولا يجوز بأي حال من الأحوال استخدام المحتوى وإعادة نشره، واي تعدي على هذه الملكية يؤدي الى ملاحقة قانونية والمطالبة بالحقوق المتصلة.

شاهد أيضاً

فاطمة ياسين: طموحي أن أترك أثراً في المجتمع العلمي . . وعلى كل امرأة أن لا تتوقف عن الحلم !

استاذة جامعية تسعى لخلق وعي بيئي في مجتمعها، لديها براءة اختراع مسجلة في فرنسا، ناشطة …