كتب: علي عطوي
خلف كل تجربة تعيشها مريضة سرطان الثدي حكاية. يختار البعض الاختباء والتستر عن الموضوع، فيما يفضل البعض التحلي بالشجاعة وإخبار قصة تتحوّل إلى رسالة تساعد كل من يقع في هذه التجربة وترشده ليتخطى هذه المرحلة الصعبة بضرر أقل. ابنة بلدة معركة الجنوبية السيدة أحلام حسان عاشت تجربة المرض وتخطتها محافظةً على نشاط وحيوية لطالما تحلّت بهما، تروي عبر “نسوة كافيه” قصتها مع المرض الذي انتصرت عليه بعدما اكتشفته أثناء خوض الإنتخابات البلدية في العام الفائت .
تقول منسقة مدينة صور ومنطقتها في لجنة حقوق المرأة اللبنانية السيدة أحلام حسان، أنها وبينما كانت تخوض غمار التحضير للإنتخابات البلدية في بلدتها الجنوبية معركة، شعرت بكتلة قاسية في ثديها، لم تعطِ للأمر أهمية وبقيت تقاوم على جبهة النضال النسوي، من خلال الندوات والإجتماعات لحث النساء وتشجيعهن على الترشح للإنتخابات، انطلاقاً من مشاركة المرأة في مراكز القرار وتأكيداً على دور النساء الريادي في نهضة المجتمع .
وحول طريقة اكتشافها المرض تقول: “بعدما شعرت بشيء غير طبيعي في الثدي الأيسر، ذهبت لإستشارة أحد الأطباء وبعد إجراء التحاليل الطبية اللازمة، أطلعني الطبيب بأنني مصابة بسرطان الثدي، تقبّلت الموضوع وخضعت لعملية استئصال الثدي وأكملت رحلة العلاج، وأخذت الأمور بشكلٍ طبيعي جداً، وها أنا اليوم أتماثل للشفاء بفعل إصراري على مواصلة الحياة والعيش رغم كل الظروف، لذلك أوجه رسالة إلى كل امرأة تخطت الـ 34 من العمر أن لا تهمل نفسها وتواظب على إجراء فحص الصورة الشعاعية للثدي Mammography كل ستة أشهر من دون خوف أو توتر” .
من جهة ثانية، تروي السيدة أحلام لـ “نسوة كافيه” دوافع ترشحها للإنتخابات البلدية العام الفائت، وتقول: ” ترشحي لعضوية المجلس البلدي في معركة، ما هي الا محطة لتأكيد حضور المرأة ومشاركتها وتأكيد على امكانياتها و قدراتها، رغم أنّ الفكرة لم تكن في الحسبان، لأنني كنت أسعى إلى ايجاد مجموعة نسائية لتترشحن، و الملاحظة الاساسية و السلبية وجود احزاب و قوى ترفض وجود المرأة في المجلس البلدي، بل و عملت على ابعاد و منع حصول ترشيحات نسائية رغم توافر العديدات ممن تملكن الكفاءات و القدرات، لكن منطق الالغاء و التحريم، دفعني أترشح من أجل ضرورة المشاركة لكسر الحاجز الاجتماعي و العادات و التحريم لحضور المرأة في مواقع القرار” .
وحول نظرة المجتمع المحلي مع قرارها هذا، تبدي ارتياحاً لما وجدته من تفاعل إيجابي رغم صعوبة التحديات، وتقول: “ما أثار استغرابي هو تشكيل لائحة اخرى في مواجهة لائحة الأحزاب، وقد رفض أعضاؤها ( الذكور ) ان اكون ضمنها، لان بعض المقررين في تركيبتها يعتبرون ان المرأة “تخسّر” في الانتخابات و ما هذا الا دليل ضعف و نقص لدى بعض المعقدين او الخائفين من حضور المرأة، واللافت أن يكون هؤلاء من أصحاب حملة الشهادات العلمية والمهن المرموقة ” .
بلهجة المفتخر تقول السيدة أحلام أنّها حازت وحدها على (436 صوتاً) في مقابل لائحتين متنافستين، وهو ما تعده انتصاراً بسبب عدم اكتراثها في إدارة الحملة الإنتخابية، بحيث أنها لم تقم بأي زيارة انتخابية أو توزيع المنشورات والصور كما فعل غيرها من المرشحين، لكن قرارها النهائي في خوض الإنتخابات، دفع بلائحة الأحزاب إلى تبني مرشحة جديدة على اللائحة وهي اليوم عضو في المجلس البلدي، وتشير إلى أنها “اتخذت قراراً مع مجموعة من نساء لجنة حقوق المرأة بانتخاب هذه السيدة بهدف دعمها في سبيل إيصال صوت أنثوي إلى المجلس البلدي” .
بين اختبار المرض وتجربة الترشيح . . معركتين، استطاعت من خلالهما ابنة معركة أن تقف في مواجهة التحديات كي تثبت أنّ المرأة قادرة على هزيمة المرض والموروثات الإجتماعية معاً ! .
إن حقوق الملكية الفكرية محفوظة لمجلة (نسوة كافيه)، وخاضعة لقانون حماية الملكية الفكرية اللبناني رقم 75/99 تاريخ 03/04/1999، ولا يجوز بأي حال من الأحوال استخدام المحتوى وإعادة نشره، واي تعدي على هذه الملكية يؤدي الى ملاحقة قانونية والمطالبة بالحقوق المتصلة.