لماذا تم استثناء الفوط الصحيّة التي تحتاجها نساء لبنان من السلع المدعومة ؟ هذا ما قاله وزير الاقتصاد

دخلنا دوامة من الصراعات اليومية التي لا نشعر بها جميعنا بالمستوى نفسه. كل شخص منّا يعيش صراعه الخاص. وتواجه النساء تحديّات كبيرة كجزء من الصراع اليومي الذي نمرّ به. إن الخطر المحدق بنا لا يتربص فقط بربطة الخبز والمازوت والكهرباء، بل أيضاً بحياتنا كنساء وبقدرتنا في الوصول إلى السلع المرتبطة بالحاجات الصحية من دون أي عقبات تعيق الطريق.ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر نشرته منصة “ميغافون” مفاده أن اللائحة التي أعدّتها وزارة الاقتصاد وتدعم فيها حوالي 300 سلعة أساسية لم تلحظ أي دعم للفوط الصحية التي تحتاجها النساء والفتيات بشكل عام عند دخولهن في الدورة الشهريّة. سؤال اعتبره البعض “مزحة” أو شيئاً بسيطاً في ظلّ ما نمرّ به.

باختصار، لماذا علينا أن نعتبر استثناء هذه السلع مؤشراً خطراً؟ ببساطة لأن غلاء أسعار هذه الفوط يؤدي بنا إلى ما يصطلح على تعريفه من منظار جندري اقتصادي بفقر الدورة الشهرية Period Poverty والذي يمنع الفتيات من الذهاب إلى المدارس خلال أيام الدورة، وبالتالي عدم التحاقهن في الصفوف التعليمية خلال هذه الأيام، والأمر قد ينسحب على النساء العاملات اللواتي لن يتمكنّ من ممارسة حياتهن بشكل طبيعي، فقط لأن الفوط الصحية المستوردة دخلت بشكل كبير سوق البضاعة الغالية الثمن التي لن تتوافر على رفوف الدكاكين في الأماكن النائية بل فقط في المتاجر الكبرى حيث القدرة الشرائية أقوى.

في هذا الصدد، تواصلت “النهار” مع وزير الاقتصاد راوول نعمة الذي أوضح أن اللائحة قبل أن تخرج بشكلها الأساسي استندت إلى 200 سلعة من الأكثر بيعاً في السوبر ماركت والمحلات التجارية، حيث انقسمت هذه السلع إلى ثلاثة أقسام: قسم يصنَّع في لبنان وتم دعمه عبر المواد الأولية التي تدخل في صناعة هذه السلع. وقسم آخر مرتبط بسلع صناعية متصلة بالمحصول الزراعي اللبناني الذي دعم. والقسم الأخير هو السلع التي لا تصنّع ولا تزرع في لبنان فجرى دعم استيرادها. وبالتالي بما أن الفوط الصحية التي تصنّع في لبنان من قبل شركة كبيرة تدخل ضمن القسم الأول، فإن الدعم موجود على المواد الأولية لنوع واحد فقط من هذه الفوط أي المحلّي.

نسأل: لماذا دعم المواد الأولية وليس المنتج الأخير أي الفوط الصحية؟، أجاب نعمة بأن “التجار بحاجة إلى شراء المواد الأولية من الخارج بالدولار وهذا ما يجب دعمه بشكل أساسي لتخفيض أسعار منتجاتهم.
وعمّا إن كانت كمية التصنيع المحلي تلبّي حاجة السوق، قال الوزير: “سألت مجموعة من النساء إن كان المنتج المحلي كافياً، فكانت الإجابة بأن المنتج المحلي كافٍ”. وأضاف أنه يمكن إعادة تصنيف هذه السلعة في حال شعرت النساء أنها بحاجة للدعم.

من ناحية أخرى، تختلف حاجيات النساء ولا يمكنهن جميعاً إستخدام نوع واحد فقط لأسباب صحيّة، وهنا عاد الوزير ليؤكد أنه فهم من خلال حديثه مع من حوله بأن الشركة المصنعة التي تُنتج محلياً تعدّ جيّدة بالنسبة لمعايير مجموعة من النساء سألها الوزير. وعند سؤالنا له عن كيفية تحديد الوزارة معايير المواد والسلع المدعومة، إعتبر أن “الإحصاءات إستندت الى هوية البضاعة الأكثر مبيعاَ في المحلات التجارية الكبيرة، ولكن لم تتحدث الوزارة إلى المستهلكين بشكل مباشر بل إلى صناعيين ومستوردين وزراعيين”.

سؤال: لماذا لم تخصص الوزارة أيضاً جلسات مع متخصصين لديهم معرفة غير الصناعيين والمزارعين أي معرفة بحاجات شرائح المجتمع كالأطفال والنساء؟ الوزير نعمة: “الوقت لا يتسع لوضع كافة الأفرقاء على الطاولة وكان علينا المضي بسرعة بهذه السلّة”.
سؤال: هل هناك تخوّف من الوصول في الأشهر المقبلة إلى مواجهة النساء والفتيات “فقر الدورة الشهرية” جراء غلاء الأسعار وكيف سيراقب الأمر؟
هنا أعرب الوزير عن استعداده الى الجلوس مع متخصصين لدرس إمكانية دعم صناعات مستوردة تحتاجها النساء.

بعد الانتهاء من المقابلة الهاتفية مع الوزير نعمة، عاود الإتصال بنا مؤكداً أنه تواصل مع أحد الأطباء النسائيين الذي أكدّ بأن “جميع النساء يمكنهن إستخدام نوع واحد فقط من الفوط الصحيّة إلا قلة منهن قد يعانين من الحساسية”، مضيفاً :”لا يمكنني أن أضع أي إسثتناء لشريحة قليلة جداً”.
قمنا بالتواصل مع وزارة الصحة لسؤالها عن استعداداتها لمواجهة “فقر الدورة الشهرية” الذي قد تعاني منه شريحة كبيرة من النساء والفتيات في الأشهر المقبلة خاصة مع عودة المدارس، فأجاب مصدر في الوزارة أنه “لا دخل لها في هذا الموضوع وأن الوزارة ليست بصدد التفكير بكيفية مواجهة نتائج غلاء سعر الفوط الصحية على نساء وفتيات لبنان لأن الأمر متعلق فقط بوزارة الاقتصاد”.

في السياق نفسه، تحدثنا إلى الطبيبة غايال أبو غنّام الاختصاصية النسائية التي قالت أنه من ناحية طبيّة “لا يمكن جميع النساء إستخدام نوع واحد فقط من الفوط الصحية، لكن من المهم جداً اليوم أن الوزارة قامت بشيء جيّد بدعم المواد الأولية لتخفيض سعر الفوط”، معتبرة أن “عدم وجود الفوط الصحية بأنواعها كافة ليس خطراً بمقدار خطر عدم تمكن المرضى من الوصول إلى أدوية أساسية”. في الوقت نفسه، أكدت أبو غنّام “ضرورة دعم سلع أخرى تضمن صحّة النساء وليس حصرها فقط بالفوط الصحية”.

قد نشهد في الأيام المقبلة الكثير من النيران التي لن تقوى هذه السلطة على إطفائها لكن الخوف الكبير ألا يرى المسؤولون ضرورة حماية النساء والفتيات من “فقر الدورة الشهرية” وعدم إدراجها ضمن لائحة أولوياتهم. الأيام المقبلة التي تنذر بالخطر ستجيب عن الهواجس.
في الوقت الحاضر، سننتظر طاولة واحدة تجمع الوزير راوول نعمة كما وعد بأهل الإختصاص لحماية الفتيات، فهل سيحصل هذا اللقاء قريباً؟

(النهار)

شاهد أيضاً

قتل زوجتَيه وأخفى جثتَيهما . . وهكذا وقع في شر أعماله !

أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في بيان، أنه “بتاريخ 9-8-2020، ومن خلال معلومات توافرت، …