“كانت رحلة صعبة وغير متوقعة، حصلت كل الأمور بسرعة، هذا اليوم لن أنساه في حياتي”، كلمات خرجت من المتسلقة اللبنانية فاطمة دريان، التي باتت أول إمرأة لبنانية تصل إلى قمة #إيفرست، أعلى نقطة على سطح الأرض، إلى جانب فريق لبناني مؤلف من 6 أشخاص من أصل 15 متسلقاً عربياً.
ووصفت دريان (26 عاماً) رحلتها بالجنونية والصعبة، لكنها بالطبع كانت مثيرة، خصوصاً “أنني من عشاق الطبيعة والسير فيها يعني لي الكثير، لأنه يولّد لي راحة نفسية وعقلية وجسدية، ويعطيني دفعاً نحو تحقيق أهداف أخرى في الحياة، إن كانت رياضية أو غير رياضية”.
ولدى عودتها من إيفرست إلى مكان إقامتها في دبي، أبدت دريان في حديث مع “النهار” سعادتها الكبيرة بإنجاز هذه المغامرة المتعبة، والتي استغرقت أسابيع في أجواء مناخية صعبة، “لكن الأهم بالنسبة إليّ أنني عدت بخير إلى منزلي، وحققت هدفي المزدوج، أولاً ببلوغ القمة الأعلى في العالم، وثانياً من خلال دراسة عن كمية النفايات الموجودة هناك، لأن هذا الأمر مرتبط بعملي”.
وتأمل دريان في أن تحصل على التقدير الذي ناله متسلقون من جنسيات أخرى من بلدانهم، خصوصاً أنها رفعت العلم اللبناني على أعلى قمة في العالم، لكن حتى الآن لم يتصل بها أحد لا من وزارة الشباب والرياضة ولا وزارة السياحة من أجل تكريمها أو حتى تهنئتها إسوة بالدول العربية والأجنبية.
وبدأت فكرة تسلقها قمة إيفرست مذ كانت في الرابعة عشرة، حيث ذهبت مع والدها إلى نيبال لظروف العمل، فزارت البلاد أكثر من 5 مرات، حتى “أصبحت المغامرة تتداول في عقلي بعدما حلقنا فوق الجبل، بداية الموضوع كان مزحة، لكنه تحول إلى حقيقة، بعدما تخرجت من الجامعة ودخلت مجال العمل. اختبرت أول تجربة لي، وأحببتها، ثم شددت على ضرورة الوصول إلى القمة الأعلى في العالم، لا سيما أن هدفي كان إنجاز القمم السبع الأعلى، والتي أنهيت منها 6 حالياً”.
وتابعت: “لم يكن الذهاب إلى إيفرست ضمن حساباتي في هذا العام، ولكن نظراً لدخولي مجال العمل، اتصلت بالمسؤولين في النيبال، لمعرفة كيفية الإفادة من عملي في هذه القمة، الموجود عليها كمية كبيرة من النفايات، رغم أنني أدركت حينها صعوبة المغامرة. الأهم اليوم أنني عدت بسلامة ومعي كل ما أريده لإجراء الدراسة”.
وأكملت: “لم أكن أعرف أنني أول لبنانية تصل إلى القمة، لكن حين وصلت إليها عرفت أنني الأولى، وهذا فخر لي، وشعرت بسعادة أكبر”.
وواجه الفريق اللبناني تحديات صعبة، لكن دريان أكدت أن الصعوبة الأبرز واجهتها لدى عودتها من القمة، نظراً لكثافة المتسلقين. حتى لدى صعودي إلى الأعلى، كان أمامي في الصف نحو 150 متسلقاً، فانتظرت أكثر من ساعتين ليصل الدور إلي، لأنه لا يوجد إلا حبل واحد. وعلى القمة الهواء قوي جداً، ونقص الأوكسيجين أثر على الجميع، فضلاً عن أن المتسلقين الذين يتعبون يتمسكون بك، وهو ما يؤثر في توازن الشخص”.
واستطردت: “هل أنصح أحداً في القيام بهذه المغامرة؟ طبعاً، لكن عليه أن يكون شجاعاً وقلبه قوياً، وعليه أن يكون من عشاق الجبال والطبيعة، وصبوراً أمام الصعوبات والعقبات التي ستواجهه، لكن التسلق إلى إيفرست يعطي الشخص ثقة أكبر بنفسه وخبرة طويلة. عندما تتسلق الجبال تكتشف أموراً جديدة، وأشياء غريبة، لكن في إيفرست تكون دائماً متوتراً، لذلك على الشخص المتحدي أن يكون قد تسلق جبالاً في السابق قبل تجربة هذا التحدي”.
المغامرات في الطبيعة لا تنتهي، والتحديات كثيرة، لذلك فإن دريان ستكون سعيدة في حال أنجزت القمم السبع الأعلى في العالم، كما أن أهدافها عدة في المستقبل، وأبرزها بلوغ الجبال التي يفوق ارتفاعها الـ 8000 متر”.
وأشارت المتسلقة اللبنانية إلى أنها ستجتهد كثيراً للحصول على شهادات من الخارج للتدريب على التسلق، خصوصاً أن هذا الأمر غير متوافر حالياً في الوطن العربي، “نحن العرب دائماً ننظر إلى الخارج ونتعلم منهم، ولا نستفيد من مهاراتنا ومواهبنا ونطورها، لذلك فإنني أريد التأكيد على أن اللبنانيين والعرب قادرون على القيام بأي عمل مهما كان صعباً”.
وفي رسالتها إلى المرأة العربية واللبنانية، أكدت أن “بإمكان أي شخص أن يصل إلى أي مكان يريده، فالعالم تطور وكل شيء بات متاحاً، لا تخجلي من أي أمر، افعلي ما تحبينه وجربي أموراً جديدة، لا شيء مستحيلاً، إذا وضعت هدفاً أمامك ستصلين إليه. الرياضة تريح عقلية الإنسان وتفكيره وتمنحه طاقة ودفعة قوية نحو تنظيم حياته، لذلك، فإن كل حلم يمكن أن يتحقق بإرادة وإصرار. لا يوجد شخص أفضل من شخص، كل من اجتهد نال نصيبه ويمكنه أن يصل إلى أي مكان يريده”.
(النهار)