ما زالت المجتمعات العربية تنظر إلى الزواج من مُطلقة نظرة ضيقة من باب أنها امرأة أخذت فرصتها في الحياة الزوجية وخاضت التجربة ولم تُفلح فيها، وفشلت في رأب الصدع الذي أصاب حياتها الزوجية يومًا ما.
ومن هذا المنطلق، فإن الزواج منها مرة أخرى قد لا يكون يسيرًا ومُجديًا، ولن تتحقق المنفعة الزوجية مع زوجة رجل آخر، لطالما تركت بيت زوجها جراء عدم صبرها وتحمّلها مشاق طريق الزوجية.
صاحبة تجربة
ولأنها صاحبة تجربة وخبرة زوجية، يوضح المتخصص في الدراسات الاجتماعية الدكتور فارس العمارات مدى صعوبة ارتباطها بشاب أعزب لم يسبق له أن خاض التجربة كما خاضتها هي، وأن الأعزب لن يكون له إلا عزباء بكر يمارس معها كل فنون العشق والرومانسية التي كان يحلم بها طوال حياته .
بالمقابل، فإن المتمعّن في تجربة المطلقة يجد أنها أكثر حكمة في الرأي والتدبير الإداري، وتحمُّل المسؤولية أكثر هذا بالنسبة لما يفكر به كثيرون، عدا عن جهلهم بماهية الأسباب التي دفعتها لترك زوجها السابق حتى وإن كان الخلل يكمن فيه وليس فيها.
ومن وجهة نظر العمارات، فإن زواج الأعزب من مطلقة ليس وصمة عار، إنما هي التئام لعقد القبول والمحبة والعشق بينهما، سواءً كانت عزباء أو مطلقة؛ فالمودة هي التي تحكم نوعية العلاقة بشكل إنساني نابع من التقدير والاحترام وحماية الزوجة معنويًا وجسديًا.
لماذا الرفض؟
ومن أسباب، رفض بعض العائلات لتلك المسألة، يردّ العمارات ذلك إلى رغبتهم بأن يكون ابنهم هو أول من “فضّ بكارتها”، لإثبات رجوليته وفحولته، وأنه “البطل الأول” الذي تمكّن من تحويلها إلى سيدة “بلا بكارة”.
وفي السياق ذاته، فإن الأسرة التي يتزوج ابنها من مطلقة يُنظر إليها بأنها أقل مستوى عن غيرها من الأسر، جراء قبولهم بالمطلقة؛ ما يفسره البعض رفض العازبات للزواج من ابنهم، ناهيك عن اللوم الذي ستتعرض له أمّ الشاب من الأقارب والصديقات، خاصة إن كانت من سيدات المجتمع.
وينوّه العمارات إلى أن الزواج من مطلقة نابع من التشاركية التي لا تنظر إلى حال أو صفة الأنثى، بل تنظر إلى ما يجمع بينهما من رابط مقدس لا يمكن أن ينفرط عقده جراء تسلل القيم والتقاليد لتفسد هذه الرابطة بينهما.
ما هو الحل إذاً؟
مشكلة حقيقية ستحصل لهذا الشاب وفق العمارات، لا سيما إذا أصرّ على رفض تقاليد ورغبات أسرته والارتباط بامرأة مطلقة، الأمر الذي يعرّضه للعزلة والعنف والطرد من منظومة الأسرة، ويصبح غير مقبول لديهم.
ومع ذلك، يحق له الاستمرار بقراره حتى وإن عارضوه، خصوصًا إذا كانت العلاقة التي بينهما أكبر من إرهاصات العادات والتقاليد واللَّوم، لكونه الوحيد الذي سيعيش معها ويعلم أن سعادته هي بالقرب منها.
(فوشيا)