ازدهرت تجارة بيع الشعر الطبيعي في العاصمة السورية دمشق، بعد التدهور الكبير للمعيشة في البلاد، خلال السنوات العشر الماضية، فاضطرت الكثيرات إلى بيع شعرهن من أجل سد احتياجات المعيشة.
وتعرض سوريات صورا لشعرهن، عبر صفحات “فيسبوك” المغلقة وغرف “واتساب”، ويرفقنه بمعلومات عن طوله ولونه وحجمه ووزنه.
في غضون ذلك، تقوم أخريات بعرضه على صالونات الحلاقة من أجل البيع بأسعار مختلفة، حسب نوعية الشعر وسمكه وقوته وطوله.
وأجبرت قسوة الظروف المعيشية ياسمين على القبول بفكرة التخلي عن شعرها الأسود السميك والطويل مقابل 250 ألف ليرة سورية ( 72دولاراً) لسد تكاليف عملية والدتها، التي أجرت لها عملية المرارة وهي مريضة بحاجة لأدوية الضغط والسكري دون انقطاع.
وقالت ياسمين لـ”سكاي نيوز عربية”، إن ابنة خالتها تعمل لدى صالون حلاقة نسائية في حي برزة بدمشق، وهي التي سعت إلى بيع شعرها بسعر جيد، مضيفة أن أسعار الشعر تتفاوت بحسب الكثافة والطول والصحة ولونه الطبيعي.
ونشطت تجارة الشعر الطبيعي بشكل لافت مؤخرا، وتقول هيفاء؛ وهي مصففة شعر وصاحبة محل حلاقة وتجميل في السليمانية بحلب، إن الإنترنت لعب دورا مهما وقدم “خدمة” لصالات التجميل.
وأضافت في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية”، أن الإنترنت فتح آفاق العثور على زبونات يبحثن عن مواصفات محددة للشعر، وهن بدورهن يعرضن طلبات البيع والشراء، فيما يتم الاتفاق المادي عبر التواصل الخاص.
وقالت “الباحثات عن فرص بيع الشعر غالباً ما يقمن بقص شعرهن ويحتفظن بالضفيرة ويصورنها، وفي خانة التعليقات يعرضنه للبيع، فيما تقوم أخريات بتصويره وإرفاقه بعبارة إنه جاهز للقص في حال العثور على مشتر”.
وحول أسعار خصلات الشعر الطبيعي وتفاصيل العرض، أفادت هيفاء أن الشعر يباع بالغرام وتسعيرته ترتفع بحسب موقع الصالونات في الأحياء الراقية، التي توفر للأغنياء النوعية التي يرغبونها إذا دفعوا السعر المطلوب.
وأضافت ” سعر الغرام الواحد للشعر من النوع الأول يتجاوز الدولارين ووصلة الشعر أحيانا قد تبلغ 400 دولار في أحياء أبو رمانة والمالكي وكفر سوسة وغيرها، بينما تنخفض إلى أقل من 100 دولار في الأحياء المتوسطة، أما الأحياء الفقيرة فقد تشتري أفضل الأنواع بسعر خمسين دولارا”.
ولفتت هيفاء إلى أن شعر الأطفال هو الأكثر رغبة لكثافته ولمعانه وحجمه، ويعتبر مرغوبا لأنه لم يتعرض لحرارة مجفف الشعر كما لم يتعرض للصبغة التي تتلف الشعر من جذوره حتى أطرافه .
وأضافت “صالونات الحلاقة النسائية والرجالية لها صفحات على فيسبوك، وزادت عروض شراء الشعر عليها من مختلف المحافظات، خاصة في الآونة الأخيرة، فالتدهور المعيشي دفع البعض للتهافت من أجل بيع شعرهن، والمعروف أن الشعر السوري يتميز بجماله وكثافته بالمقارنة مع الشعر المستورد الذي يتلف خلال سنتين، في حين أن الطبيعي يحافظ على نضارته طويلا مما يوفر زبائن لشرائه بشكل مستمر”.
ووجد العديد من تجار الشعر الطبيعي مهنة تدر مبالغ طائلة، وأنشؤوا مجموعات فيسبوك مغلقة تعتبر كسوق إلكتروني، من أجل الوساطة بين البائعة والمشتري.
وبحكم عملها مصففة شعر لا تملك محلها الخاص وتعمل لحسابها الشخصي بالذهاب إلى الزبائن في منازلهم، تقول أليف (اسم مستعار) إنها اضطرت لبيع شعرها أيضا، وبعد قصه بسنة خطر ببالها أن تدخل السوق كوسيطة.
وتعرض أليف على زبائنها صورا لأنواع مختلفة من الشعر، حتى تحصل على مبلغ من المال في حال تمت عملية الشراء.
وتقول أليف إنها أنشأت مجموعة على فيسبوك تديرها باسم مستعار وتجني في الشهر ما يقارب 400 دولار، وهو مبلغ يعتبر ثروة تحققها وسط تدهور الوضع المعيشي.
وتشير أليف إلى أنها تجهز بضاعتها للبيع بمعالجة الشعر وحبكه، وتستعين بما تجنيه حتى تؤمن مصاريف دراسة شقيقتها في كلية الطب وتكاليف علاج والدها المقعد ووالدتها المريضة بمرض القلب، وهي غير راضية عن عملها لكنها مجبرة على امتهانه “لتحمي أسرتها من العوز والمجاعة”.