قد يحتاج اللبنانيون لبعض الوقت ليدركوا فعلاً أن حياتهم قد تغيّرت وعليهم البحث عن نمط استهلاكي جديد أشبه بحياة أهلهم قبل عقود أو أكثر.
تحوّل صيف لبنان في العقدين الماضيين الى أشبه بمهرجانات متنقلة، فطقوس الأعراس اللبنانية حوّلت هذه المناسبة الى مصدر لمصاريف كبيرة، غالباً ما أرهقت كاهل الشباب، لكنها باتت أشبه ببروتوكول ملزم بغض النظر عن قدرة العروسين المادية.
الا ان النفق الذي دخل فيه لبنان والذي لا تبدو أن نهايته قريبة، سيأخذ جيلا بأكمله من ضفة الى أخرى ومن زمن الى آخر، وما كان أمراً طبيعياً في السابق سيكون مستحيلاً غداً، والأعراس اللبنانية على رأس القائمة.
ولكل عريس وعروس، إليكم هذا البيان الصادر عن مختار بلدة العقبة – جب فرح في قضاء راشيا الوادي هيسم سعد، والذي نال انتشارا واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، في تعميم يختلف عن البيانات الرسمية التي عادة ما تصدرها البلديات والمخاتير.
وجاء فيه: “نظراً للحالة الصعبة التي تمر بها البلاد والعباد وسوء الحالة المالية وتردي الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية أتمنى من أهلي الأعزاء التخفيف من الإنفاق غير الضروري على مناسبات الزفاف والرجوع إلى تقاليدنا وذلك لما فيه مصلحة أهلنا جميعا بمن فيهم أهل العريس وأهل العروس.
ومن هذا المنطلق أتمنى من أهل العروس الوقوف إلى جانب العريس وتخفيف الأعباء عنه لجهة المقدم والإبقاء على المؤخر كما المتعارف عليه وأيضا لجهة السهرات في المطاعم التي تضني كاهل العريس وتوقعه تحت ديون يطول أمدها، فقاعة بيت الضيعة مجهزة بأفضل التجهيزات وتستوعب المناسبات الصغيرة والكبيرة ويمكن الإستغناء عن بعض المظاهر المرافقة لحفلات الزفاف كبطاقات الدعوة والألعاب النارية والعشاء في المطعم وغيرها من الأمور المبالغ فيها”.
ويضيف البيان متوجها الى العريس بالقول: “أتمنى منه عدم المكابرة ومعرفة قدرته المالية من دون النظر إلى ما يفعله غيره فلكل منا قدرته المالية وبالتالي عليه تحديد إمكانياته وإقامة عرسه على قدر استطاعته تطبيقا للمثل القائل على قد بساطك مد اجريك”.
وللعروس كلمة أيضا، مع تمني “بتخفيف الطلبات والإقتناع بحالة العريس المالية لأن الديون المتراكمة سيدفعها الإثنان معا في المستقبل فالحياة شراكة ومشاركة في السراء والضراء ومتطلبات الحياة كثيرة ومتنوعة والتحديات القادمة بعد الزواج أكبر بكثير وأهم من المظاهر الخداعة التي تسر العين وتتعب الجيب”.
ربما سينظر البعض الى هذا البيان من باب الطرافة، لكنه في الحقيقة أصدق من الكثير من التصريحات الرسمية والأهلية، وواقعي في زمن أكثر ما نحتاج اليه هو الواقعية والتأقلم مع نمط حياتنا الجديد، فالحياة لن تتوقف وسيبقى للأفراح مكان حتماً وسيولد في كل يوم طفل جديد، وإن كان غير محظوظ بالبقعة التي كانت من نصيبه، ولذلك لا بد من البحث عن مساحات جديدة وعن البساطة في الحياة.
لذلك لكلّ الشباب اللبناني اقرأوا هذا البيان ووفّروا مصاريف أعراسكم، لمن لا زال يملك القدرة على الزواج أصلاً والأمل ببناء عائلة في هذا البلد… واسمعوا كلام المختار.
(mtv)