تأخُّر سنّ الزواج يدفع الشابات لحلول صادمة و”غير تقليدية” !

تأخُّر سنّ الزواج يدفع شابات مصريات لحلول "غير تقليدية"... رأيان ...

أثارت شابة مصرية سجالات صاخبة في مواقع التواصل الاجتماعي بمصر، أخيراً، بعدما نشرت مقطع فيديو تعلن خلاله عن قبولها لعروض زواج من الرجال، شريطة الجدية. ويأتي هذا المقطع ضمن سلسلة من الفيديوات التي بثتها سيدات مصريات، خلال الأشهر الماضية، أحدثن هزات اجتماعية متتالية، بعدما طرحن حلولهن الخاصة لمشكلة تأخر سن الزواج بين النساء.
وتشير الإحصائيات إلى أن هناك أكثر من 11 مليون امرأة بمصر تجاوزن سن الـ 35 عاماً دون الزواج، وسط ارتفاع معدلات الطلاق إلى مستويات غير مسبوقة، بلغت قرابة 50% من الزيجات الجديدة، ما يعني أن هناك المزيد من ملايين النساء بتن خارج مؤسسة الزواج. وعلى الرغم من أن الدعوة للمساواة بين الرجل والمرأة بدأت هنا في القرن التاسع عشر، وحققت خطوات واسعة في مجال تعليم وعمل النساء، إلا أن نظرة المجتمع للمرأة في ما يتعلق بالزواج ما زالت ثابتة.صدمات اجتماعية

شكل الفيديو الذي نشرته مهى أسامة هزة اجتماعية جديدة، فقد تحدثت الفتاة بصراحة ووضوح غير معهودين، عن رغبتها في الارتباط بشريك لحياتها.

وقالت الفتاة في مقطع الفيديو الذي نشرته على صفحتها الشخصية: “أنا اسمي مها أسامة، وعندي 32 سنة، وعارضة نفسي للزواج على فايسبوك، واعلم أن هذا قرار غير سهل، وسيجلب لي الكثير من المشاكل، لكنني أتحمل هذا القرار، ودرسته جيدا، وأتحمل الحلو والوحش، والوحش أتحمله أولا”.

وأضافت: “لا أريد الكثير من الأشياء في الشخص الذي أرغب في الارتباط به، سوى أن يكون جادا، ويريد الزواج بالفعل، ومحترم… لن أتحدث عن نفسي كثيرا، ومن يريد أن يعرف المزيد، ومهتم حقا، سيعرف كيف يصل إلي”.

وقبل أشهر، أعلنت شابة ثلاثينية أخرى تدعى ريم مهنا، عن تجربتها في تجميد البويضات، كي تضمن حقها في الحصول على طفل إذا تأخر سن زواجها، مما فجر جدلا دينيا ومجتمعيا محموما، وأحدث صدمة على الرغم من أطباء أكدوا أن عشرات وربما مئات العمليات تجرى شهريا في سرية تامة لفتيات قررن تجميد بويضاتهن.

كما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الدعوات من فتيات لتعدد الزوجات، حتى تحظى كل فتاة بفرصة للزواج وسط تراجع واضح في معدلات عقد القران بحسب آخر الإحصائيات الرسمية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمصر، والتي كشفت عن أن عدد حالات الطلاق في العام 2019 تجاوز عدد إشهارات الزواج ببضعة آلاف.

النساء يصنعن التغيير

وتقول إيمان عوف الكاتبة والصحافية المهتمة بشؤون المرأة لـ”النهار”: “إن الأزمة الحقيقية تكمن في أن المجتمع المصري، يتلقى صدمات وهزات متتالية من السيدات والفتيات على نحو خاص، لأن هناك اتجاهاً واضحاً وصريحاً لديهن، ضد كل ما هو بالي وتقليدي داخل المجتمع”.

وتشير عوف إلى أن “على سبيل المثال، لم يعد مفهوم (العنوسة) يشكل فارقا حقيقيا لدى كثير من النساء، على الرغم من تأثيره دون شك في نفسيتهن، لكن بات لديهن طموحات أخرى بخلاف الزوج والبيت، وحتى إن كان الزواج هدفا بالنسبة لبعضهن، فإنه يكون بشروط مغايرة لما يفرضه المجتمع “المتدين بطبيعته”، أولها التكافؤ والتفاهم والاحترام وليس الشبكة والعفش والمهر. ما فعلته مها هو أنها تحدت المعايير التي يفرضها المجتمع على الفتيات” تقول الكاتبة الصحافية، “لقد قررت أن تقلب الصورة النمطية، وأعلنت أنها هي التي ترغب في الزواج، كي تقضي على فكرة العرض والطلب، وتأكيد أنها هي التي تختار”.

وترى عوف أن “فتاة مثل مها، لا بد أن تقدم لها عرسان، لكن الأزمة قد تكون في نوعية المتقدمين لخطبتها”.

وتضيف: “تابعت صفحتها في فايسبوك، ولاحظت أنها مختلفة عن الفتيات التقليديات. إنها نموذج لفتاة معتدلة، ليست متزمتة أو متطرفة، ترى أنها إنسان له حقوق، وحين تقرر الزواج سوف تقول بكل وضوح، أريد أن أتزوج، وهذا ليس غريبا، إنه أمر موجود على صفحات ومكاتب الزواج، والطلب على الزواج يكاد يتساوى بين الذكور والإناث، الأمر المختلف هو أن الفتاة أعلنت طلب الزواج على الملأ، وليس على صفحة للزواج أو مكتب متخصص في هذا المجال”.

وتعتقد الكاتبة الصحافية “أن التفكير المختلف الذي باتت تتبناه الفتيات حاليا، في ظل ثقافة ذكورية سائدة، جعل الزواج أكثر تعقيدا، وجعل الكثير من الفتيات يعزفن عنه، لذا بات تأخر سن الزواج ليس مهما بالنسبة لأغلب الأسر، بما في ذلك أسرة مها التي قالت إنها تمارس ضغوطا إيجابية عليها”.

يضاف إلى ما سبق، حسبما تقول عوف: “الأوضاع الاقتصادية المتردية للرجال والنساء في مصر، على حد سواء، وكذلك ارتفاع معدلات الطلاق، كل هذا جعل الكثير من البنات يفكرن في العزوف عن الزواج، وتجميد البويضات، وفي حلول غير تقليدية أخرى”.

انحلال أخلاقي

تنظر الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع والكاتبة والأديبة المصرية بصورة معاكسة لما يحدث، وترى أن ما فعلته الفتيات، أخيرا، خاصة ما أقدمت عليه مها أسامة، “يعد انهيارا أخلاقيا، وترهلاً في الشخصية”.

وتقول لـ”النهار”: “لقد طالبنا بتعليم المرأة، وحقها في العمل، وقلنا إن الأم مدرسة، إن أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق، لكن لم نقل أبدا أن الفتيات يعرضن أنفسهن للزواج، أو يعرضن أجسادهن على تطبيق (تيك توك)، أو يروجن للمثلية الجنسية، لم يكن هذا هدفنا على الإطلاق”.

وترى أستاذة علم الاجتماع أن “ثمة فرقاً كبيراً بين أن تحظى المرأة بتربية جيدة، ويكون لها دور عظيم في المجتمع، وأن تعرض جسدها وتتحول إلى سلعة، نحن لم ننادِ بأن تتحول المرأة إلى سلعة، هذا مرفوض دينيا وقوميا، ونفسيا واجتماعياً. كنت أعيش في فرنسا بلد الحرية” تقول خضر، “وكانوا يقولون للمرأة لا تكونين سلعة في الأسواق. لقد فهمنا الحرية، ودور المرأة، وكل شيء على نحو خاطئ”.

وتضيف: “كان لدينا سيدات عظيمات لم يتزوجن، ووهبن أنفسهن لصالح المجتمع، ولقضايا المرأة، أما أن تعرض نفسها للزواج، فهذه كارثة أخلاقية واجتماعية. والتحجج بفيروس كورونا ليس منطقيا، إن الفيروس مر عليه بضعة أشهر فحسب”.

وعن نقد المجتمع للمرأة غير المتزوجة، تقول خضر: “أعرف بعض السيدات تجاوزن 40 عاما وحصلن على الماجستير والدكتوراه، ولديهن وضع اجتماعي ومادي جيد للغاية، ولم يعبأن بما يقوله المجتمع. إن من يفعلن ذلك بحجة ما سيقوله المجتمع، هن شخصيات مترهلات لا يستطعن أن يملأن أوقاتهن وعقولهن”.

 

(النهار)

شاهد أيضاً

رغم فقدان البصر.. طفلة لبنانية تحرز جائزة الإملاء في فرنسا

تفوقت الطفلة اللبنانية دوميتي نورالدين، البالغة 12 سنة، مؤخرا، على زملائها في الدراسة، وحصدت جائزة …