يمتلئ حليب الثدي بالمغذيات والعناصر الطبيعية المفيدة للطفل والتي لا تتواجد في أي مصدر آخر، ويظل أكثر ما تخشاه الأم المرضعة هو الخوف من عدم كفاية كمية الحليب لإرضاع طفلها؛ فتبدأ بمراقبته لتعرف ما إذا شبع واكتفى أم ما زال جائعا.
وبالإضافة إلى مراقبة الأم لكمية الحليب المفرزة تراقب كذلك مدى كثافته، وقد تشعر بتغيرهما من فترة لأخرى، بسبب اختلاف جنس المولود، واختلاف ظروف المعيشة.
فهل يختلف حليب الأم باختلاف نوع المولود؟
عن هذا التساؤل تجيب أخصائية التغذية فوزية جراد، بأن الدراسات التي أجريت في جامعة هارفارد حول هذا الأمر، تبيّن لها أن هناك اختلافا واضحا في تركيب حليب ثدي الأم باختلاف جنس الرضيع، وكذلك باختلاف الظروف المعيشية للأم سواء تعيش فقرا أم رخاء.
وتبيّن أيضا أن الذكَر يحتاج إلى حليب أغنى بالدهون والبروتينات، أما الأنثى فتحتاج إلى كمية أكبر من الكالسيوم، وفقا لتحليل عينات الحليب التي أخذت من الأمهات المرضعات لأطفال رضّع من كلا الجنسيْن.
بالإضافة إلى ذلك، تنتج الأمهات وصفات بيولوجية مختلفة طبقا لجنس الرضيع، بحيث يحدث تنوع في محتوى الحليب والكمية المنتجة، فيحصل الذكور على حليب أغنى بالدهون والبروتينات والطاقة، في حين تحصل الإناث على كميات أقل من الدهون وكميات أكبر من الكالسيوم.
وهل تؤثر ظروف المعيشة على حليب الأم؟
إن العناصر الطبيعية، التي يحصل عليها الجنين وهو في رحم أمه، ثم خلال الرضاعة، تدعم الطفلة الأنثى أكثر إذا كانت الأم تعيش ظروفا معيشية صعبة، بينما تصب لصالح طفلها الذكَر في ظروف رخائها، وفق جراد.
فالأم التي تعيش في الرخاء، تبيّن أن حليبها يحتوي على نسبة 2.8% من الدسم إذا كان مولودها ذكرا، أما إذا كانت المولودة أنثى، فيحتوي حليبها على نسبة 0.6% من الدسم.
وفي حال كانت ظروف الأم المعيشية صعبة، فإن حليبها يحتوي على نسبة دسم 2.6% في حالة الإناث، و2.3% نسبة دسم في حالة الذكور.
زيادة كثافة الحليب ونقصانه
منذ أن تبدأ الأم في الرضاعة، تشير الأخصائية جراد إلى أن أول حليب يفرز للطفل يسمى (اللبا)، وهو حليب خفيف يحتوي على السكر والماء، وبعد أن يستمر الطفل في مصّه ورضاعته تبدأ زيادة كثافة الحليب فيمتلئ بالمزيد من الدهون، ويحدث هذا التغيير في كثافة الحليب ببطء.
وقد تلاحظ الأم أن كثافة الحليب تتغير في اليوم الواحد؛ إذ يكون أكثر كثافة في الفترة الصباحية ويحتوي على مواد مغذية أكثر، في حين يكون في المساء أخف وأسهل هضما، كما يختلف قوامه ومذاقه بين الرضعة والأخرى؛ إذ لا يرجع الأمر فقط إلى نسبة امتصاص الطفل للحليب، وإنما لعابه الذي يتسبب في رجوع الحليب إلى قنوات الثدي مرة أخرى عن طريق الرضاعة أو الشفط العكسي؛ فيعمل ذلك على تغيير مكونات الحليب التي ستفرز له بعد ذلك، ترى جراد.
من رضعة لأخرى يتغير الحليب
عندما يبدأ الطفل وجبته يكون اللبن مخففا، وتزداد نسبة كثافته بالتدريج مع زيادة فترة الرضاعة، كما يزيد في نموّه، وذلك لضمان الوفاء باحتياجات الطفل الغذائية والسعرات الحرارية المطلوبة له في هذه السن، حتى أمهات الأطفال الخدج فإن حليبهنّ يحتوي على عناصر دهنية أكثر من أمهات الأطفال المولودين في موعدهم المقرر، لكي تساعد هذه العناصر الدهنية هؤلاء الأطفال على تسريع وصولهم للوزن المثالي، بحسب جراد.
وما تؤكد عليه الأخصائية، هو أن قوام حليب الثدي يزيد أيضا تأثرا بصحة الأم والأنظمة الغذائية التي تطبقها؛ ففي حال كانت تعاني من وجود التهابات بالثدي؛ فإن ذلك سيؤثر بالطبع على مذاق الحليب وقوامه، لهذا تدعوها جراد إلى التركيز على تناول الأسماك بكثرة خلال فترة الرضاعة، حتى تزيد نسبة الأوميجا 3 في حليبها مقارنة بالأمهات اللاتي لا يتناولنَ الأسماك.
(فوشيا)