لماذا يجب على الأم متابعة ابنتها قبل وأثناء فترة الحيض؟

لطالما فضلت الكثير من الأمهات من الأجيال السابقة تجنب الخوض في موضوع الحيض مع بناتهنّ الصغيرات باعتباره موضوعا محرجا لا يجوز التحدث فيه أمام الأطفال، إلا أن هذا الأمر تسبب بالكثير من الأذى النفسي للعديد من الفتيات في ذلك الوقت خصوصا عند أول فترة طمث واجهتهنّ من غير سابق إنذار؛ ما أدى بالكثير من الأمهات من هذا الجيل المعاصر إلى تغيير تلك المفاهيم والعادات من أجل توعية بناتهنّ في زمن التكنولوجيا والانفتاح على العالم.

تبدأ فترة الحيض الأولى لدى معظم الفتيات بين سن 10- 12، لكنها تحدث عند البعض منهنّ في وقت مبكر جدا، إلا أن ما يهم في هذه المرحلة ليس موعد حدوثها، بل أن تكون الفتاة على جاهزية نفسية تامة حين تأتي، وهذا ما يستلزم من الأم توضيح الأمر لها لتصبح على دراية تامة به قبل حدوثه؛ ما يمكنها من التعامل معه بالشكل الصحيح.

دور الأم في تلك المرحلة

للأسف، ما زال بعض الفتيات يتعرضنَ لمواقف محرجة، بسبب عدم تحضيرهنّ مسبقا لهذا اليوم، ويلعب الخجل والخوف الاجتماعي في بعض الأحيان دورا كبيرا في التسبب بهذه الإحراجات، خصوصا إن أتت الدورة الشهرية الأولى قبل أن تجري الأم حوارها مع البنت حول هذا الموضوع.

وتروي سالي قصتها عندما أتتها الدورة الشهرية للمرة الأولى: “عندما داهمتني الدورة الشهرية للمرة الأولى شعرت بالرعب، ولم أجرؤ على إخبار أمي في بادئ الأمر، ظناً مني أنني ربما آذيت نفسي. استخدمت المناديل الورقية في محاولة مني لوقف النزف، ولكن دون جدوى. ظل الدم يتدفق بشكل متقطع على مدار يومين، بعدها قررت أن أخبر أمي بالموضوع، فقالت لي إنها الدورة الشهرية، وشرحت لي ما يجب عليّ فعله، وأعطتني الفوط الصحية لاستخدامها. كم تمنيت وقتها لو أنها أخبرتني بهذا قبل أن أتعرض لهذا الموقف المرعب.”

أما ديانا ويتني فتقول: “لم تعلمني أمي عن فترة الطمث، وعندما بدأت فترة الحيض الأولى في حياتي كنت في الصف السادس الابتدائي، وأتذكر أنني كنت الفتاة الأولى التي حدث لها هذا من بين جميع زميلاتي في الصف. لقد كانت تجربة مربكة، وكان الشعور بالخجل والتوتر يتملّكني؛ ما جعلني أقرأ الكثير من الكتب في هذا الجانب، وبعد سنوات طويلة وعندما أصبحت أمّاً لطفلتين، قررت أن أبتكر طرقا ووسائل تعليمية من أجل نقلها لبناتي في سنّ مبكرة كي لا يشعرنَ بما شعرتُ به.”

مقابل ذلك، نرى اليوم أمهات بعقلية منفتحة كأم كارما من لبنان مثلاً، التي فضلت تعليم ابنتها كارما التي لم تتجاوز الـ 7 سنوات أمورا حياتية عديدة منها الدورة الشهرية، وتظهر أم كارما وهي تناقش ابنتها في موضوع الدورة الشهرية وتشرح لها بأسلوب علمي متحضر في فيديو بعنوان: “بسأل أمي… عن الدورة الشهرية” على قناة اليوتيوب “أبعاد منا”.

كيف تتابع الأم ابنتها إذًا؟

الأستاذة المساعدة لأمراض النساء والولادة في كلية الطب بجامعة بنسلفانيا الدكتورة داكارلا أولبرايت، لديها جملة من التوصيات التي ينبغي على كل أم اتباعها مع ابنتها لتعريفها بالدورة الشهرية وكيفية التعامل معها، بحيث قبل البدء في التحدث عن الدورة الشهرية ينبغي الحصول على كتاب علمي متعلق فيها، بحيث يحتوي على رسوم توضيحية من أجل اتباع منهج علمي ونقاشي حول الموضوع.

بالإضافة إلى تعريف الفتاة أن الدورة الشهرية هي جزء طبيعي من بنيتها كأنثى وتحدث لكل نساء العالم وهي ليست عيبا أو عارا، كما يجب توفير شنطة خاصة للفتاة تحتوي على فوط نسائية وسدادات قطنية ومناديل مبللة (معطرة) وملابس داخلية ومناديل تعقيم، مع شرح كيفية استخدامها أثناء فترة الحيض.

والتركيز على تعليم الفتاة أساسيات النظافة المهبلية مثل المسح من الأمام إلى الخلف بعد استخدام المرحاض لتجنب تلويث منطقة المهبل بالبكتيريا الموجودة في فتحة الشرج، وتعلم كيفية التخلص من مخلفات الحيض مثل تغليف الفوط والسدادات القطنية والمناديل الورقية المستخدمة قبل رميها في سلة المهملات.

وأيضا لا بد من تعليم الفتاة آلية التركيز على غسيل الملابس الداخلية جيداً بالماء والصابون وتعريضها لأشعة الشمس المباشرة.

وعلى صعيد طبي، ينبغي مساعدتها على تحديد مواعيد من أجل زيارة مقدم الرعاية الصحية أو طبيب الأسرة من أجل التخفيف من أعراض الدورة الشهرية مثل: التشنجات والصداع وحب الشباب التي قد تؤثر على الثقة بالنفس.

وما تخلص إليه أولبرايت، هو ضرورة توفير الأمهات الراحة لبناتهنّ خلال فترة الحيض وعدم إرسالهنّ للمدرسة إذا تطلّب الأمر؛ لأن فترة الحيض هي بمثابة فرصة للشعور بالسلام الداخلي والراحة النفسية.

وفي الواقع، تستغرق الدورة الشهرية ما يصل إلى عامين لتصبح منتظمة بعد فترة الطمث الأولى، ويصعب التنبؤ بموعدها، لذلك يمكن تتبع ذلك من خلال بعض تطبيقات الهواتف الذكية مثل تطبيق “بيريود تراكر” .

(فوشيا)

شاهد أيضاً

دراسة صادمة… الرجال أيضاً يعانون من اكتئاب ما بعد الولادة

أثارت دراسة جديدة ضجة كبيرة في الصحف ووسائل الإعلام، كشفت أن الآباء يعانون من الاكتئاب …