من المعتاد أن يُغادر الرجل بيته كل صباح إلى عمله سعيا لطلب الرزق وتوفير الاحتياجات التي تلزم أسرته، وما اعتادت عليه الزوجة بالتحديد هو أن يقضي زوجها وقتا طويلا طوال النهار تصل إلى ساعات متأخرة من الليل، ولكنها لم تعتد على وجوده لوقت أطول من ذلك.
إلا أن تحولا جديدا طرأ في الآونة الأخيرة جراء حظر التجول، وبقائه في المنزل طوال الوقت، وهو ما قد يزيد الوضع سوءا وحدة في ضوء عدم وجود مساحة من الحركة والخروج من المنزل والبقاء فيه لفترات طويلة؛ ما يزيد من طلباته وأوامره وبالتالي نشوب خلافات إن لم يكن هناك نوع من الترتيب والتنسيق في السلوكيات المنزلية، وتحمُّلها لوجوده تلك الفترة التي ربما تطول.
الحذر من ارتفاع العنف
ما يُجمع عليه بعض الخبراء هو وجود خطورة تكمن بارتفاع العنف ضد الزوجة وفي تلك الفترة بالتحديد، وهو ما يتطلب البحث عن آليات سريعة لإبعاد مثل تلك السلوكيات، وإيجاد طرق لعدم وصولهما إلى تلك المرحلة لا من قريب ولا من بعيد، بل تشير إلى ضرورة استثمار وجوده بالمنزل بالقرب منها ومن أطفالها.
وكحقيقة علمية مُثبتة، تقول الدكتورة في هندسة الخدمة البشرية الدولية رولا عواد بزادوغ إن الأمراض النفسية تظهر وتتفاقم في وجود الأوبئة؛ فإن لم يستطع كل شخص موازنة فكره والانصياع لقواعد علمية عملية بسيطة خلال هذه الفترة فلن يتمكن من تجاوزها بصحة جسدية عقلية جيدة، لا بل على العكس سيعاني من تبعاتها على المدى الطويل.
الصبر والتحمُّل
وما تراه بزادوغ، ضرورة موازنة الفكر وإيجاد طرق للتعامل مع الموضوع بإيجابية، من خلال اهتمام الزوجة بكينونة نفسها أولا ومن ثم زوجها وعائلتها؛ لأنها إن لم تفعل ذلك أولاً، فإنها لن تستطيع الاهتمام بأحد. وإن وضع أهداف لهذه الفترة، وكيفية تمضية هذه الأوقات بشيء مفيد كالبحث عن فعاليات تهمها وتعود عليها بالأثر الإيجابي المحبب على نفسها وعلى زوجها، كأن تعيد مثلاً ديكور بيتها، وتنظيمه والتفنن في عمل الأطعمة ومشاركته بذلك، مسألة ذات أهمية وفيها محاولة لإزاحة أجواء الملل من المنزل بشكل عام، نظراً لانشغاله معها بدلا من قضاء أغلب وقته في مشاهدة التلفاز مثلا.
وبتقديرها، من المهم أن تكون هناك محاولة لاستيعابه إذا غضب، وإيجاد طريقة للتواصل الفعال البعيد عن العنف، وإخماد فتيل إشعاله، ويكون ذلك من خلال حُسن الإصغاء والاستماع بهدف الفهم وليس بهدف الرد، بغرض تحويل التحديات التي تواجه الأسرة من نقمة إلى نعمة كانا بحاجتها في هذه الظروف.
خلق أجواء من السعادة
من هنا، فإن هذا الظرف الذي لم تتوقع الزوجة حدوثه، ربما يكون له تأثير سلبي على علاقتها به، وهو ما يتطلب منها خلق الهدوء وبسط حالة من الاسترخاء والمرونة التي من المفروض أن تخيّم على المنزل، بل تكون المحرك الكبير الذي يوزع الأدوار بشكل جذاب وفيه نوع من الحكمة والفكاهة.
لقاء ذلك، ينبغي على الزوج تفهم هذا الظرف الاستثنائي الذي سوف يكون درسا كبيرا يتعلم منه كيفية إدارة الأمور في الأزمات، وتسخير جهوده لإسعادها، والمحافظة على علاقتهما في ظل هذا الظرف الذي يتطلب الهدوء والاتزان أكثر من افتعال المشاكل والخلافات، خصوصاً أنه لا مجال لأيٍّ منهما ترك المنزل إن ضاقت به الأمور ذرعا.
(فوشيا)