كثرت النظريات حول الطريقة التي يختار بها الإنسان شريك حياته وما إذا كانت كيمياء الحب تعتمد على الشكل الخارجي فقط، أم أن الصفات الداخلية تلعب دورًا فيها.
كما يوجد التوافق العاطفي وهو نوع آخر لكنه يعبر عن مدى تعمق العلاقة واختيار الشريك على أسس مغايرة فما الفرق بينهما؟.
يساعد فهم الفرق بينهما على تحديد ما إذا كانت العلاقة مجرد نزوة أم أنها ستستمر وتتوج بالارتباط الأبدي، فالتوافق الكيميائي يشير إلى التوافق الجنسي بين الشريكين، فيما يعد التوافق العاطفي توغلًا داخل أعماق الشريك لمعرفه ما يخبئه من مشاعر حقيقية تجاه شريكه.
يأتي ذلك بجانب بعض الاختلافات الأخرى، وسنتحدث عنها بالتفصيل من خلال ما ورد في مجلة “يورتانغو”.
التوافق الكيميائي أو كيمياء الحب مؤقتة لكن التوافق العاطفي يستمر للأبد، كما أن الكيمياء خطر يهدد العلاقة برمتها وينتج عنها مشاكل عاطفية وجراح يصعب التداوي منها، في حين يشبه التوافق صنع قرار مدعوم بالثقة من كافة أفراد العائلة، اتفقوا من قبل على أساسياته فكانت النتيجة الرضا والامتنان لكل الأطراف.
تشبّه الكيمياء بالنار الملتهبة التي تلتهم مَنْ أمامها، بينما التوافق هو ماء البحر الهادئ مع نسمات الهواء المنعشة، فالكيمياء مشاعر شهوانية ستخمد نيرانها بمرور الوقت، لكن التوافق هو استقرار القلب مع العقل على اختيار هذا الشخص، والنتيجة علاقة متناغمة يحيطها الحب ويغلفها التفاهم.
ويتشارك الحبيبان لحظات الكيمياء بصورة وقتيه كالذهاب إلى السينما لرؤية فيلم معين فيجمعهما المكان والحدث، لكن التوافق يجعلهما يشعران بحلاوة المشاعر وقضاء هذه الأوقات في رومانسية حالمة.
الاستعجال في العلاقة
كذلك تشير الكيمياء إلى الاستعجال في العلاقة وعدم أخذ الوقت الكافي، للتأكد من المشاعر وبأنه الشخص المناسب، في حين يأخذ الشريكان الوقت الكافي عندما يحدث التوافق العاطفي؛ ليعرف كل منهما حقيقة الأخر بهدوء وتروٍ وتعمق أكثر.
ويتجاهل الحبيبان معرفة الآراء ومناقشة الاختلافات في التوافق الكيميائي، ولا يكترث أحد منهما بمعرفة اتجاهات وميول الأخر، لكن التوافق العاطفي يعبر عن التكامل الفكري والعقلي، وبأنهما يكملان بعضهما ويتناقشان في كافة مناحي الحياة.
وعندما يرتبط الحبيبان من حيث الكيمياء، سيرى كل واحد منهما عيوب الآخر ولا يتغاضى عنها، ويشغل باله دائمًا كيف له أن يحرم من النوم بسبب شخير حبيبه، أما الحبيب عندما يتوافق مع حبيبه عاطفيًا، فلا تشغله العيوب وسيبذل قصارى جهده ليتكيف معها بصورة إيجابية.
كما يرتبط الحبيب بحبيبه ارتباطا وقتيا عندما يختار كلاهما العلاقة الكيميائية، لكن التوافق العاطفي يدل على الاستمرارية والتضحية من أجل الحب وليس من أجل الجسد، فالكيمياء كالحلوى اللذيذة ذات الطعم اللاذع، أما التوافق فستتذوقين حلاوته ببطء وتشعرين بنكهته تتغير يوما بعد يوم.
ويحرص الحبيب على مقابلة الأهل والإسراع بالزواج عندما يتوافق عاطفيا مع حبيبته، بينما لا يحرص من اختار التوافق الكيميائي على ذلك، وكل ما يشغل تفكيره المتعة الجسدية فقط.
يخوضا التحديات سويا
ويحارب الحبيبان من أجل الحب ويخوضا سويا التحديات ولا يباليان بالمخاطر أو الصعوبات في حال كان ارتباطهما توافقيا، وفي حالة ارتباطما كيميائيًا فلا مجال للمواجهة أو حتى المحاولة.
ويلعب الاهتمام بالحبيب وخلق الأعذار له عند الإخفاق في موعد أو وعد، وذلك في العلاقة التوافقية، في حين تغيب هذه الاعتبارات ويتلاشى الاهتمام بكل شيء، فالحبيب الحقيقي يهتم بكل تفاصيل حياة حبيبه، أما من يقضي الوقت في علاقة كيميائية فلا يكترث لشيء سوى مزاجه ورغباته فقط.
كما يسعى الحبيبان اللذان يجمعهما التوافق العاطفي؛ لتكملة الطريق مهما كانت المصاعب، فالإيمان بالحب متعمق بداخلهما وتدفعهما الرغبة في العيش سويا، إلى تسلق الجبال الشاهقة لأنهما سيصلان حتما إلى القمة، أما من اجتمعا على التوافق الكيميائي فسيفترقان إن أجلا أو عاجلا حتى بعد وصولهما إلى القمة والتغلب على كافة العقبات.
نخلص مما سبق، إلى أن العلاقات العاطفية المبنية على التوافق الكيميائي، ستنتهي ويمحى أثرها لأنها قامت على المتعة والرغبة الجسدية الفانية، وليس هناك عاملا سوى الوقت؛ لمعرفة ما إذا كانت هذه العلاقة صامدة أم أنها مجرد نزوة وسينتهي كل شيء.
لذا، من المهم معرفة أبعاد العلاقة وهل هي مؤقتة أم دائمة، وهل يريد الحبيب أن تتوج هذه العلاقة بالزواج؛ لأنه يريد العيش مع حبيبته للأبد، أم أنه يشبع رغباته ويرضي غروره بها، ولا ينوي على الارتباط ويضيع الوقت فقط.
(فوشيا)