في هذا الوقت، تتدلى عناقيد الحصرم، ويسيل لها اللعاب. مرت سنوات طويلة لم يتناول سليم فيها “الحصرم”، ولكنه قرر اليوم “وبشكل مفاجىء” تذوق هذه الفاكهة وهي في أوج نضجها، وعندما لذعته بطعمها الحامض المحبب، استيقظت طفولته وأخذته في رحلة إلى الوراء حيث كان يتلذذ بمذاقها. “للحموضة طعم حلو”، في ذاكرة سليم كما يغرد.
و”الحصرم” هو عبارة عن ثمار العنب التي يتم قطفها قبل بداية النضج، حيث تكون نسبة الأحماض العضوية فيها أعلى ونسبة سكرياتها أقل، ويعتبر عصيره، الحامض الطبيعي الأنسب للمأكولات النيئة.
عصيراعتاد أهالي بلاد الشام على صنع عصير الحصرم واستهلاكه باردا، صيفا لفوائده العظيمة، فصنعوا منه الشراب وكثفوه لاستخدامه بديلا عن الحامض في مأكولات عديدة، كإضافته لأطباق المحاشي أو يملّح ويؤكل. وهو أشهر عصائر الشمال السوري وعلى وجه الخصوص في مدينة حلب، حيث يقدم هذا العصير محلى بالسكر أو حامض كبديل لليمون. وبحسب صفحة علوم الهندسة الزراعية على “فايسبوك” فإنه لعصير الحصرم فوائد جمة في تخفيف الوزن وإكساب البشرة رونقا ونعومة خاصة، كما يعالج الحصرم مشكلة عسر الهضم ويقوي الجهاز الهضمي ويخفض مستوى الكوليسترول الضار بالدم. وأظهرت العديد من الدراسات أنه يحتوي على مضادات للأكسدة المعروفة بتأثيرها المضاد للبكتيريا والفطريات، وقدرة مضادة للطفرات الوراثية وللفيروسات وقدرة مضادة للقرحة، كما أنه نافع للحوامل، ويقوي المعدة والكبد ويمنع سقوط الجنين.
عائلة صبحي أبو أحمد تستعمله بديلا في السلطات والتبولة، وبحسب تعليقه فإنه “لا أضرار جانبية له ومتوفر بشكل جيد الآن.. فهذا موسمه”.تفل الحصرمكانت جدته لا تتوانى عن الاحتفاظ بهذه المادة وجعلها مونة البيت كونها من ضروريات الحياة. جرت العادة في مدينة صادق أنور، مدينة حلب، على قيام اهاليها بعصر “الحصرم”، وتخزين شرابه لاستخدامه في المطبخ الحلبي في أنواع متعددة من الأطعمة سواء عصره عن طريق مكبس آلي متوفر في الأسواق أو قيام ربة البيت بعصره والعناية به وتخزينه، ومن ثم القيام بالتخلص من تفل الحصرم.
لكن تستخف معظم العائلات في أحيان كثيرة بالقيمة الغذائية والاقتصادية لتفل الحصرم، وبحسب تعليق المستخدم صادق أنور على صفحته بموقع “فايسبوك”: “الكثير منا نسي أو تناسى أن تفل الحصرم وقشوره له فوائد تعادل عصيره أو يزيد”، وهو ماده غذائية عظيمة وخاصة إذا اعتني به وجفف وذلك بوضعه في إناء مسطح تحت اشعة الشمس لمدة لا تزيد عن خمسة أيام، ثم يتم تخزينه. ومن أهم استخدام لهذا التفل هو صناعة الزعتر الحلبي الشهير وجعله مادة اساسيه منه، فجدة صادق كانت تطحنه مع عدة الزعتر من يانسون وشمرة وكزبرة وكمون وزعتر.. “يعطي طعما فريدا للزعتر بدل ملح الليمون الذي يوضع الآن وهو مادة سامة”، أو أن ينقع في الماء وتوضع مائه في تحضير المحاشي بديلا عن الأحماض الاخرى.
بقلم هبة دنش – “شبكة الحياة الإجتماعية”