بداعي الغيرة ليس إلا، تضطر الزوجة رغمًا عنها للتخلي عن عملها، مستعيضة عنه برضا زوجها وإطاعة أوامره، حفاظًا عليه وعلى بيتها من الدمار، خصوصًا إن وجدت نفسها أمام خياريْن؛ إما العمل أو هو.
في الواقع، كانت المرأة وما زالت في وقتنا الحالي، كما يقول المتخصص في الدراسات الاجتماعية الدكتور فارس العمارات، تنخرط في أعمال عديدة تنافس الرجل فيها، سعيًا منها إلى التشاركية والإسهام في التنمية والإنتاج؛ كي تُدرّ عليها أموالاً تُسهم في رفاهيتها ورفاهية أسرتها، وتحمل بعض أعباء المنزل مع زوجها.
ولكن المؤسف في تلك المسألة، أن يُجبر الزوج “صاحب العقلية الضيقة” زوجته على ترك عملها بدافع الغيرة، والحرص عليها من الاختلاط مع زملائها الذكور والاحتكاك بهم، كما لا يجوز له، حسبما يفعل بعض الرجال، زيارتها في عملها بداعي الاطمئنان عليها، وبالتالي التسبّب بإحراجها، ووضعها موضع الشكّ من زملائها الذكور والإناث.
ويقول العمارات: “أسوأ ما يمكن أن تصل إليه الأمور بينهما هو الانفصال والطلاق نتيجة “الإلحاح المتواصل” بالتزام البيت والتخلي عن عملها كلما ذهبت إليه، وبالتالي نشوب مشاكل وصراعات تزيد من الطين بلّة، حتى وإن كان مصابًا بالعوز والضيق المالي”.
غيرة أم مرض نفسي؟
يقول الدكتور العمارات: إن ما يفكر به الزوج تجاه زوجته ما هو إلا ضعف منه وعدم ثقة، وهذا ليس في مكانه؛ إذ لا يحق له بعد أن تزوجها وأصبحت ملكة المنزل والسند القوي الذي يقف إلى جانبه، أن تصبح الغيرة العمياء سببًا في تدمير حياتهما، وحرمانها من أن تكون شريكًا حقيقيًا له في السراء والضراء، طالما أن عملها لا إساءة فيه لأي طرف، ويخلو من الاحتكاك الذي يُزعج زوجها ويجعله دائم الانشغال بظروف عملها.
وبقناعة العمارات، فإن هذا التوجّه قد تضاءل ضد عمل المرأة، ولم يعد كما السابق؛ لطبيعة الظروف الحالية التي أذابت الغيرة، وباتت الأولويات أكثر ما يفكران به في ظل أوضاع لم يعد فيها الرجل قادرًا على تحمل مسؤوليات المنزل والحياة بالصورة التي تدعوه للاستغناء عن وقوف زوجته إلى جانبه.
ولفت إلى أن بيئة العمل أصبحت أكثر أمنًا وطمأنينة جراء وضوح التعليمات التي تنظم العمل وتحافظ على العامل أيًا كان نوعه وجنسه، ناهيك عن العقوبات الصارمة التي تنظم العمل وتنال من أي شخص يحاول الإساءة أو التحرش بزميلته.
وانتهى العمارات إلى أهمية الحوار بين الطرفين في اختيار العمل الذي يناسب الزوجة، خاصة في عصر طغت عليه السرعة، وتطويع التكنولوجيا؛ الأمر الذي سهّل عملها، وألغى أي معوقات تؤدي إلى غيرة الزوج من عملها أو ربما ادعاء الغيرة عليها.
(فوشيا)