تعتبر مسألة الصيام خلال فترة الحمل من أكثر ما يُقلق المرأة الحامل، سواء كانت في المراحل الأولى من الحمل أو في الثلث الأخير منه. ولعلَّ أكثر التساؤلات التي تتبادر إلى ذهنها، تأثير الصوم في صحتها وصحة جنينها، لكن شعور المرأة الحامل بالقوة الجسدية وغياب أعراض كالتقيّؤ والغثيان يشجّعانها على الصيام، لذا، تحتاج الحامل إلى عناية شديدة ونظام غذائي متكامل من أجل المحافظة على صحتها وصحة جنينها… فتعرّفي معنا على أهم النصائح الغذائية التي تفيد المرأة الحامل في رمضان، والأسباب التي تدفعها للتوقف عن الصوم والتوجّه إلى الطبيب للإحاطة بالرعاية التامة.
– هل يؤثر الصيام في صحة المرأة الحامل والجنين؟
لقد أُجريت دراسات عدّة في مناطق مختلفة من العالم لبحث هذا الموضوع، فبيّنت دراسة أميركية أُجريت في جامعة كولومبيا وشملت مجموعة من النساء الحوامل، أن الصيام قد يؤثر في نمو الجنين في الأشهر الأولى من الحمل، إلا أنه لا يتسبب بأي مشاكل ذهنية أو عقلية في المستقبل. وكشفت دراسة أخرى أُعدّت في ماليزيا أن الصيام يقلّص فترة الحمل بمعدل 4 إلى 7 أيام، فيما أظهرت دراسة أخرى أن المرأة الحامل التي تصوم في رمضان بموافقة الطبيب المختص لا تعرّض جنينها للخطر أو لمشاكل صحية مستقبلية، وبالتالي يولد الطفل بصحة جيّدة، خاصة إذا اتّبعت الحامل نظاماً غذائياً متكاملاً يؤمّن للجنين كل ما يحتاج إليه من غذاء.
وتجدر الإشارة إلى أن الإسلام أجاز للحامل والمرضع الصيام، شرط ألاّ يُلحق الصوم الضرر بها وبجنينها، فقد قال الرسول (صلّى الله عليه وسلّم): “إنَّ الله وضع عن المسافر شطرَ الصلاة، وعن المسافر والحامل والمرضع الصومَ أو الصيام”. لذا يبقى اختيار المرأة للصوم متعلقاً بحالتها الصحية.
– وهل من نصائح تتبعها المرأة الحامل للحفاظ على سلامة حملها؟
تحتاج المرأة الحامل في الأيام العادية الى نظام صحي متكامل، وهذه الحاجة تزداد في طبيعة الحال مع بدء شهر الصوم، لذا من الضروري للحامل أن تختار نظاماً غذائياً متكاملاً، وتحاول تطبيق النصائح الآتية طوال فترة الصوم:
● تناولي 4 أكواب من الحليب يومياً، لتوفّري لجسمك والجنين كمية كافية من الكالسيوم الذي يغذّي العظام ويساهم في نموها وتقوّيتها. ولئلا يأخذ الجنين حاجته من الكالسيوم من جسمك، أكثري من شرب الحليب.
● ركّزي على الفواكه والخضار: أكثري من تناول الفواكه والخضار، لأنها تحتوي على مواد غذائية وفيتامينات أساسية في نمو الجنين وتساهم في تقوية عضلاته مثل الحديد والبروتينات.
● اختاري السوائل الصحية: يجب الانتباه إلى أن بعض أنواع المشروبات الرمضانية قد تتسبب بالأذى لكِ ولطفلك، مثل عرق السوس والخروب، لذا ابتعدي عنها قدر المستطاع واستبدليها بالعصائر الطبيعية، وبالتأكيد أكثري من شرب الماء بمعدل 3 إلى 4 ليترات في اليوم.
● عليكِ بالحبوب الكاملة: تناولي الحبوب الكاملة مثل الأرز، البرغل، الشوفان، والخبز المصنوع من القمح، لأنها تساعد على الشعور بالشبع وتمنح جسمك والجنين حاجتهما من الحديد والألياف والكربوهيدرات.
● قاومي الحلويات: قلّلي من استهلاك الحلويات، لأنها تزوّدك وجنينك بسعرات حرارية فارغة تتسبب في زيادة الوزن من دون المساهمة في إمداد الجسم بحاجته من الطاقة.
● زيدي عدد الوجبات: حاولي أن تتناولي عدداً من الوجبات الصغيرة بين فترتَي الإفطار والسحور، وذلك كي تعوّضي فترات الصيام الطويلة، كما أن الجسم في هذه الحالة يقوم بعملية الهضم بسهولة.
● ابتعدي عن اللحوم المصنّعة: امتنعي عن تناول اللحوم المصنّعة والمعلّبة، لأن استهلاكها قد يزيد من احتمالات إصابة الجنين مستقبلاً بالأمراض السرطانية.
● حافظي على برودة جسمك: حاولي قدر المستطاع المحافظة على برودة جسمك لتجنّب حدوث حالات الجفاف السريع التي تُعرّضك للمخاطر أنتِ وجنينك، كالبطء مثلاً في حركة الجنين.
● لا تنسي الفحوص الطبيّة: من الضروري أن تخضعي للفحوص الطبّية خلال شهر رمضان، وذلك للتأكد من مستوى السكر في الدم، وعدم حصول أي مضاعفات تؤدي إلى فقر الدم وغيره من الأمراض.
● تجنّبي المشي لفترات طويلة كي لا يفقد جسمك الكثير من الطاقة، ولا تمضي ساعات طويلة في تحضير طعام الإفطار، لأن ذلك قد يُفقدك شهيتك، وبالتالي لن تتناولي الكمية الكافية من الطعام. كذلك حاولي الابتعاد عن كل ما يسبب لك الإجهاد.
– وماذا لو شعرت المرأة الحامل بهذه العوارض؟
في بعض الأحيان، تبدأ المرأة الحامل صيامها من دون أن تعاني أي مشاكل صحية، لكن بعد فترة تبدأ العوارض بالظهور، وفي هذه الحال على الحامل التوقف عن الصيام والذهاب الى الطبيب المختص لمعالجة هذه المشاكل، وأبرز هذه العوارض:
● الشعور بالدوار والإغماء وما يترافق معهما من ضعف عام وجفاف السوائل في الجسم.
● الشعور الزائد بالغثيان والتقيؤ، فبعض النساء الحوامل قد يتقيّأن أكثر من 6 مرات في اليوم.
● الشعور بالألم الناتج من انقباضات في جدار الرحم، وقد يؤشّر ذلك الى حدوث ولادة مبكرة.
● الاختلال في وزن الحامل، سواء أكان زيادةً أم نقصاناً.
● الصداع الدائم والمتكرر، مع الشعور بألم حاد وارتفاع في درجة حرارة الجسم في بعض الأوقات.
● ملاحظة تغيّرات في حركة الجنين، كالتوقف عن الركل أو ازدياد حركته بشكل مبالغ فيه.
– ما هي الحالات المرضية التي تفرض على المرأة الحامل الامتناع عن الصوم؟
هناك العديد من الحالات المرضية التي ينصح فيها الأطباء المرأة الحامل بالامتناع عن الصيام، سواء كانت مصابة بها أو معرّضة للإصابة بها، وأبرز هذه الحالات:
● مشاكل السكر في الدم: إن الخلل في مستوى السكر في الدم قبل فترة الحمل، أو إصابة المرأة بسكري الحمل قد يمنعانها من الصوم. ففي هذه الحالة، على المرأة الحامل الالتزام بنظام غذائي يعتمد على تناول عدد معين من الوجبات في أوقات محددة… وإلاّ تُصبح عُرضة لهبوط أو ارتفاع مفاجئ في معدل السكر في الدم، وبصورة متكررة.
● مشاكل القلب: من الضروري أن تمتنع الحامل عن الصوم إذا كنت معرّضة لمشاكل في القلب أو عدم انتظام في ضغط الدم، ذلك أن هاتين الحالتين تفرضان عليها تناول الدواء والاعتماد على أنواع محددة من الطعام.
● مشاكل المخاض المبكر: قد تعاني بعض النساء الحوامل آلام المخاض المبكر، مما يُضطرّهن لتناول دواء يحول دون الولادة المبكرة، وعادة ما يطلب الطبيب منهن شرب كميات كبيرة من الماء طوال اليوم، الأمر الذي يتعارض مع مبادئ الصوم.
● التقيّؤ الشديد: ثمة نساء حوامل كثيرات يعانين من الغثيان والتقيؤ الشديد، وخاصة في فترة الحمل الأولى، لذا في هذه الحالة عليهن الامتناع عن الصوم، لئلا يفقد الجسم الغذاء الذي فيه، وبالتالي تعاني الحامل وجنينها نقصاً في العناصر الغذائية اللازمة لصحّتهما.
● النساء اللواتي خضعن لجراحة تصغير المعدة: فالحامل في هذه الحالة تُضطر لتناول كمية صغيرة جداً من الطعام، وبالتالي الصيام لفترات طويلة، وهذا بالطبع يعوّق نمو الجنين.
(لها)