كلمة الصحافي علي عطوي في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر “نحو صورة إيجابية للمرأة العربية في الإعلام” في بيت الأمم المتحدة

وسط حشد من الشخصيات الدبلوماسية والرسمية وممثلين لعدد من منظمات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الإعلامية، احتفلت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) ومركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت باليوم الدولي للمرأة وعقدا طاولتين مستديرتين خرجتا بتوصيات تركزت على ضرورة تسليط الضوء على احتياجات النساء الريفيات والفقيرات لمواجهة التحديات والتوجه نحو قانون ملزم لحماية المرأة من الصورة النمطية في الإعلام.

الاحتفال الذي شارك في تنظيمه موقع “نسوة كافيه” أقيم في بيت الأمم المتحدة في بيروت، تحت شعار “نحو صورة إيجابية للمرأة في الإعلام”، بدأ الاحتفال بكلمات لكل من نائب الأمينة التنفيذية للإسكوا نديم خوري، ورئيسة مركز سمارت رندى يسير، ورئيس تحرير موقع “نسوة كافية” الصحافي علي عطوي، الذي ألقى كلمة هذه نصها:

  حضرة السيدات والسادة،

تثير العبارة الفرنسية الشهيرة «كوني جميلة واصمتي» حفيظة كثيرات، لأنها تختصر المرأة بجمالها من جهة، وترى أن مجرد نطقها بالكلام قد ينال من هذا الجمال، بمعنى أن المرأة هي جمال لا ذكاء فيه ولا ثقافة ولا شخصية ! وبالتعارض مع هذه النظرة الذكورية الاختزالية للمرأة، ينطلق الموقع الإلكتروني «نسوة كافيه» الذي يُعنى بشؤون المرأة اللبنانية ويتصدّر صفحاته عبارة «كوني جميلة ومثقفة» كي تشدد على أن جمال المرأة يتكامل مع عقلها.

يحمل الموقع هذه الدعوة البسيطة في مختلف أبوابه شعاراً له. ويروّج للمرأة المثقفة والجميلة والواعية والقادرة وذات المؤهلات التي تجعلها تجذب الأنظار، إذ بالنسبة للموقع، ليس جمال المرأة في الشكل بل يكمن أساساً في المضمون، إنها رسالة مختصرة، لكنها تقدر أيضاً على تحدي الصورة النمطية للمرأة اللبنانية المتداولة في وسائل الإعلام حاضراً .

تمثّل «نسوة كافيه» صحيفة إخبارية إلكترونية تهتم بشؤون المرأة اللبنانية وقضاياها المختلفة. وترصد أهم الحوادث الثقافية والفنية والاجتماعية التي تهم المرأة لبنانياً وعربياً، وتختصر أهداف موقع «نسوة كافيه» بتشكيل رأي عام «نشط وفاعل وواعٍ بقضايا المرأة اللبنانية والعربية»، إضافةً إلى تقديم صورة واقعية تعكس إنجازاتها وهمومها ومشاكلها ودورها في بناء المجتمع، وتقدّم مضموناً يشبع احتياجاتها المعرفية والثقافية .

وتتنوع أقسام الموقع بين الثقافي والاجتماعي والفني، مع تركيز على المرأة اللبنانية في جميع الميادين والمجالات، إذ يزخر المجتمع اللبناني بالنماذج النسائية الناجحة التي ساهمت في تقدمه. وإلى جانب المقالات والتحقيقات والأخبار، يناقش الموقع قضايا شائكة وخلافية، مثل “استبعاد المرأة من التمثيل الحكومي”، “قانون حماية النساء من العنف الأسري” و”صورة المرأة في الإعلام” وغيرها من المواضيع.


لقد نجحَت المرأة اللبنانيّة في اقتحام المجال الإعلامي بشكلٍ قويّ، لكنّ إسهاماتها في تغيير الصورة النمطيّة للمرأة  مازالتَ ضعيفة جدّاً، وبناءً على الخطوة التي اتخذتها الأمم المتحدة لتكريس الإهتمام بدور المرأة من خلال تبني “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة” ( سيداو)، وحيثُ  يٌشير البند الخامس من الاتفاقية إلى مشكلة تنميط صورة المرأة في وسائل الإعلام، فإنّ مهمّة “نسوة كافيه” ستكون إبراز المرأة بصورة إنسانيّة وسيكون على الموقع خلق شبكة من الإعلاميّات والإعلاميين الذين سيشكّلون شبكة لمناصرة قضايا المرأة في وسائلهم الإعلاميّة .

ثمّة أسئلة تقليدية تكررت على مسامعي في الأيام الماضية، فكيف لرجل أن يقود حركة نسائية ويكون على رأس صحيفة نسائية إلكترونية، الإجابة لديّ أنني لستُ الأول في هذا المجال، فقد سجّل التاريخ أسماء لامعة في الوسط الصحافي، ترأسوا صحف نسائية ونجحوا في إدارتها، علماً أنّ مهنتي في الصحافة أعطتني معرفة واسعة بشؤون المرأة اللبنانية ونقاط قوتها ونقاط ضعفها أيضاً، حيثُ الغياب التام للنساء العاملات في الشأن العام .

إنني أجد أنه لم تعُد مشاركة المرأة في مراكز اتخاذ القرار السياسي مجرّد قضيّة تكافؤ، بل أصبحت شرطاً أساسيّاً من شروط تحقيق الديمقراطية، إنّ مهمّتنا في “نسوة كافيه” هي “التحريض” . . نعم نصرّ على استخدام هذا المصطلح ونؤكد عليه، لأنّ “تحريض” المرأة اللبنانية على لعب دور أكبر في المجتمع جزء مهم من “أجندتنا” التي وضعناها، فلم يعُد مقبولاً تهميش اللبنانيات تحتَ عناوين ومسميات عفا عنها الزمن، في وقتٍ يتمّ فيه اختزال المرأة اللبنانية بجسدها وبجمالها فقط !

سؤال آخر، حيثُ إسم “نسوة كافيه” لا يوحي بالجديّة المطلقة وبالتالي هو منبر للثرثرة، الإجابة لديّ نعم نحنُ “ثرثارون”، غير أننا نحاول أن لا نثرثر كما هو متعارف عليه، ثرثرتنا مفيدة ونحنُ نريد تعديل خط سير الصالون النسائي من الثرثرة المجانية إلى إحداث  تغيير في سلوكيات المرأة اللبنانية، وقد وجُدنا لنجيب على الأسئلة الصعبة لدى المرأة، ولنطرح أيضاً أسئلة تفوق التصوّر الذكوري . .

لقد كانت المرأة اللبنانية السبّاقة بينَ نظيراتها العربية في تحقيق مكتسبات حقوقية منذُ خمسينيات القرن الماضي، غير أنها لم تترجم هذه المكتسبات التي حققتها على مدى سنوات من النضال على أرض الواقع، وبدلاً من أن تبادر إلى استغلال المناخ التحرري الموجود في لبنان لصالحها، استغلتها وسائل الإعلام وجعلتها آلة تسويق ودعاية، وبالتالي أخرجنا المرأة من المطبخ لوضعها في غرفة النوم، وازداد هوس عمليات التجميل والنفخ والتكبير . .

وحيثُ أنّ أحوال المرأة اللبنانية تحتاج إلى تحرّك فوري من أجل السير بركب الدول المتقدمة، ولأنني أؤمن بأنه “إذا أردت أن تعرف مدى تقدّم أي مجتمع عليك أن تنظر إلى أحوال المرأة فيه”، فإنني أدعو لإنشاء ” وزارة لشؤون المرأة اللبنانية”، تتولى مهمّات تحقيق المساواة من أجل تحقيق مكاسب وانتزاع حقوق للمرأة في لبنان .

إنّ “نسوة كافيه” لا تتشابه مع المجلات النسائية اللبنانية والعربية، التي غالباً ما تظهر محاسن المرأة ومفاتنها كأنثى وليس كإنسان منشغل بالقضايا الإجتماعية والسياسية، وستتركّز مهمتنا على تحسين صورة المرأة اللبنانية، بوصفها إنسانة مناضلة ومثقفة وعاملة وناشطة في مختلف المجالات وجميلة أيضاً، وتعزيز المشاركة السياسية للمرأة اللبنانية، وتشجيعها على الإنخراط في الشأن العام، وتفعيل مشاركة المرأة اللبنانية في الحياة الثقافية اللبنانية، وفتح باب الحوار والنقاش حولَ قضايا المرأة اللبنانية عبرَ ندوات تجمع ذوي الإختصاصات والخبرات .

أخيراً، إنني أتمنى أن نخرج بفعل مناقشاتكم بتوصيات تجعلنا نُعيد للمرأة العربية دورها الريادي في عملية صناعة التغيير، ونستعيد للوسائل الإعلامية مهمتها في بناء مجتمعات أكثر رقياً .

إن حقوق الملكية الفكرية محفوظة لمجلة (نسوة كافيه)، وخاضعة لقانون حماية الملكية الفكرية اللبناني رقم 75/99 تاريخ 03/04/1999، ولا يجوز بأي حال من الأحوال استخدام المحتوى وإعادة نشره، واي تعدي على هذه الملكية يؤدي الى ملاحقة قانونية والمطالبة بالحقوق المتصلة.

شاهد أيضاً

فاطمة ياسين: طموحي أن أترك أثراً في المجتمع العلمي . . وعلى كل امرأة أن لا تتوقف عن الحلم !

استاذة جامعية تسعى لخلق وعي بيئي في مجتمعها، لديها براءة اختراع مسجلة في فرنسا، ناشطة …